الـرزق
( قال تعالى ) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (1)
وقال تعالى ] وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ [ ([2])
وقال تعالى] كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً ، انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً [ ([3]) .
وعن عمر قال: سمعت رسول الله يقول : " لو أنكم تتوكلون
على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصاً وتروح بطانا ً" رواه الترمذي ، وقال حديث حسن ([4]).
وعن أنس قال: كان أخوان على عهد النبي r، وكان أحدهما يأتي النبي والآخر يحترف، فشكا المحترف آخاه للنبي r فقال : " لعلك ترزق به " رواه الترمذي بإسناد صحيح على شرط مسلم
وعن أبي هريرة قال : قال رسول اللهr : " من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة ، وسعيا علي أهله ، وتعطفا علي جاره ، لقي الله تعالي يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر ، ون طلب الدنيا حلالا مكاثرا مفاخرا مرائيا ، لقي الله تعالي وهو عليه غضبان " رواه البيهقي في شعب الإيمان وأبو نعيم في الحل
[6]).
وعن عبد الله بن مسعودt عن النبي r قال: (( إن روح القدس (4) نفث (5) في روعي (1) أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها، ألا فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله ، فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته. رواه في شرح السنة والبيهقي في شعب الإيمان ([7]).
وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله : " إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله وأن تحمدهم علي رزق الله وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله إن رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كره كاره إن الله بحكمه وجلاله جعل الروح والفرح في الرضا واليقين وجعل الغم والحزن في الشك والسخط رواه البيهقي في شعب الإيمان ([8])
معني الرزق :
الرزق لغةً: العطاء دنيويًّا كان أو أخرويًّا.
والرزق أيضًا : ما يصل إلى الجوف ويتغذى به، يقال: أعطى السلطان رزق الجند، ورزقت علمًا.قالوالرزق :اسم جامع لكل ما ينتفع به العباد ، من أرزاق تحتاج إليها الأبدان في ( إيجادها .. ونموها .. وحفظها .. وبقائها ) .
وكذلك كل ما يصلح القلوب من معرفة وهداية .. وإنابة .. وتقوي .. وخشية .. وذل وانكسار لله تعالي .. ومحبةً .. وخوفاً .. ورجاءً ... الخ .
لذا أنزل الله ، الشرائع والكتب ، وأرسل بها أنبياءه ورسله لهداية ، الخلق وإرشادهم إلي ما فيه صلاحهم . الرزق منه وحده سبحانه وتعالي ولا أحد يملك لنفسه ولا لغيره رزقاً ولا نفعاً ولاموتاً ولا نشوراً:
قال الله تعالي : )إِنّ اللّهَ هُوَ الرّزّاقُ ذُو الْقُوّةِ الْمَتِينُ ( ([9]) .
وقال تعالي:{ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }([10])
وقال تعالي : {وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }([11])
وقال تعالي : { وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }([12])
وقال تعالي : {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِوَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }([13])
وقال تعالي : ) وَمَا مِن دَآبّةٍ فِي الأرْضِ إِلاّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرّهَا وَمُسْ تَوْدَعَهَا كُلّ فِي كِتَابٍ مّبِينٍ (([14]) .
وقال تعالي : ) وَكَأَيّن مّن دَآبّةٍ لاّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيّاكُمْ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ ( ([15]).
يقول ابن كثير رحمه الله : لا تطيق جمعه ولا تحصيله، ولا تدخر شيئا لغد، (اللّهُ يَرْزُقُهَا)، أي يقيض لها رزقها على ضعفها وييسره عليها، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه حتى الذر في قرار الأرض، والطير في الهواء، والحيتان في الماء.
ويقول الجصاص: فيه إخبار بأن رزق الجميع على الله تعالى، والله سيسبب لهم ما ينفقون على الأولاد وعلى أنفسهم، وفيه بيان أن الله تعالى سيرزق كل حيوان خلقه ما دامت حياته باقية، وأنه إنما يقطع رزقه بالموت، وبين الله تعالى ذلك لئلا يتعدى بعضهم على بعض، ولا يتناول مال غيره؛ إذا كان الله قد سبب له من الرزق ما يغنيه عن مال غيره([17])
وقيل لبعضهم : من أين تأكل ؟ فقال : الذي خلق الرحى يأتيها
بالطحين، والذي شدق الأشداق هو خالق الأرزاق.
وقيل لأبي أسيد: من أين تأكل؟ فقال: سبحان الله والله أكبر! إن
الله يرزق الكلب أفلا يرزق أبا أسيد!.
وقيل لحاتم الأصم: من أين تأكل؟ فقال: من عند الله؛ فقيل له: الله ينزل لك دنانير ودراهم من السماء؟ فقال: كأن ماله إلا السماء! يا هذا الأرض له والسماء له؛ فإن لم يؤتني رزقي من السماء ساقه لي من الأرض؛ وأنشد:
وكيف أخاف الفقر والله رازقي
ورازق هذا الخلق في العسر واليسر
تكفل بالأرزاق للخلق كلهم
وللضب في البيداء والحوت في البحر
مع خالص تحياتى